مرحلة المراهقة المتوسطة من سن 14 سنة إلى 17 سنة هي مرحلة الشباب المتدفق، مرحلة عنفوان شباب المستقبل، وهي مرحلة التطورات السريعة تطرأ على كيان المراهق جسميًّا ونفسيًّا.
إن مرحلة المراهقة المتوسطة هي أشد مراحل المراهقة، لها خصائصها وميزاتها ومشكلاتها، شأن كل مرحلة، لذلك لابد من التعامل مع هذه المرحلة على أسس علمية بعيدًا عن التخبط.
[] أهم المتغيرات التي تطرأ على المراهق في هذه المرحلة:
•= من الناحية الجسدية: نجد أن الهرمونات ما زالت تعمل وبقوة في جسم المراهق مما يؤثر على مزاجه وأعصابه، أيضًا الإهتمام بالمظهر وشكل الجسم، فيحال المراهق في هذه المرحلة من تكوين العضلات بالنسبة للذكور، والنحافة بالنسبة للإناث، لذلك تعتبر هذه المرحلة من أسوأ المراحل لسوء الحالة الصحية وقلة المثابرة والضعف في غالب المراهقين مقارنة بالمرحلة السابقة.
•= من الناحية النفسية: فإن المراهق يتعرض لأحاسيس متغايرة، منها الإحساس بالتذبذب من حالة إلى عكسها في غضون ساعات قليلة.
الخجل فهو يعيق تواصل المراهق بالمجتمع المحيط به، بالرغم من وجود رغبة داخلية في المشاركات في نشاطات إجتماعية نتيجة حساسيته الزائدة، أو لعدم جاذبية حديثه، أو لتعرضه للسخرية والإستهزاء من الأهل.
الغضب يظهر عند الشعور بالظلم أو الحرمان أو الإهانة والسخرية منه شخصيًّا أو من أهله، ويظهر على شكل أرق، تعب، صداع، قيء، فقدان الشهية، أو في شكل إستهزاء من الكبار، وإستخدام ألفاظ بذيئة، والبكاء عند المراهقات.
والسبب في ذلك يعود إلى أخطاء في التربية أثناء الطفولة، فينتج عنه مشاكل إنفعالية، مثل الدلال الزائد والرعاية المفرطة، تؤدي إلى ثورات غضب لأتفه الأسباب، والحزم الشديد مع التسلط يؤدي إلى عناد مع حالات من الغضب.
يكون الشاب محفوفًا بمخاطرة إرجاع السلوك العدواني ليحصل على الحرية الإجتماعية المرغوب فيها، والكذب يمثل هذه المخاطرة، وذلك بإهمال الواجب وإرتكاب الخطأ، فيكذب المراهق ليصل إلى فعل ما تم منعه منه.
ولمقاومة الكذب يجب أن يستمر الوالدان في أخذ مواقف سليمة من أجل الحقيقة، فيجب في كل مرة يمسكان المراهق يكذب يواجهانه بشعور من الألم، ويعطيانه فرصة لقول الصدق، ويشرحان له كيف يغير الكذب حياته إلى الأسوأ.
•= من الناحية العقلية: تظهر إهتمامات مراهق هذه المرحلة في مجال الشعر والكتابة، ويظهر الإبداع وتنمو مهارات تركيب الأشياء، ويكون للبنت مهارات الفنون والرسم، فالمراهق في هذه المرحلة لديه طاقة جسدية يحاول إخراجها في تلك الإهتمامات.
•= من الناحية الإجتماعية: بالنسبة لسلوك المراهق الإجتماعي فإن مرحلة المراهقة المتوسطة تسمى مرحلة الإعتزاز بالنفس، ويغلب على سلوكه محاولة الإنتصار على زملائه وتأكيد ذاته، ويغالي في المنافسة حتى يلفت الأنظار، كما يميل إلى السلوك العدواني حتى يتحدى مخاوفه القديمة ويثبت شخصيته وشجاعته، كما يبدأ في إعلان آرائه التي تختلف عن آراء الكبار، ويبدأ في البحث عن مثل يحتذي به، وهنا أهمية وجود القدوة في حياة المراهقين حتى لا يلجئوا إلى أمثلة غربية أو شاذة من مجتمعات تختلف في طبيعتها عن مجتمعاتنا الإسلامية.
•= أما بالنسبة لسلوك المراهقة الإجتماعي: فهي مرحلة تقليد الفتيان لدى البعض في الزي والحوار والإصرار على بعض النشاطات مثلهم، وذلك طمعًا في مساحة أكبر في الحرية والتجريب، ولكن نتحكم في ذلك بوجود بدائل متاحة لنشاطات وهوايات تتناسب وعمرها ودورها الأنثوي الطبيعي، وتأكيد تميزها وقبول الأهل لها بالشكل الطبيعي مع التأكيد على النموذج الأنثوي السوي في حياتها.
[] بعض سمات مرحلة المراهقة المتوسطة:
ـ الإستقلالية، حيث يصبح للمراهق صورة ثانية مختلفة وهي أقوى من المرحلة السابقة، لذلك فالمراهق دائمًا يقول: إن والديه يتدخلان في كل شيء ولا يتركانه يتصرف بحرية.
ـ إن الكثير من الأمهات يشتكين أن بناتهن في هذه المرحلة حيث تجلس المراهقة بغرفتها كثيرًا سواء للمذاكرة أو غيرها، وإذا جلست مع الأسرة تجلس بصمت وذلك بسبب وجود الهرمونات التي تؤثر على هذه المرحلة، ويمرون بفترة من الحزن بشكل أو بآخر.
ـ البحث عن قدوة، لذلك نستطيع أن نغرس القدوة الحسنة في هذه المرحلة، فغياب القدوة والتوجيه الهادف السليم لهو من أخطر ما يمكن أن يؤثر بالسلب على المراهقين في هذه المرحلة.
ـ يحاول المراهق تكوين صداقات، ولكنها لا تكون على قدر كاف من المتانة، بل من الممكن أن تنتهي هذه الصداقات ولأتفه الأسباب.
ـ يميل المراهق إلى التقاليع الغريبة، بسبب رغبته في الخروج عن العادات والتقاليد المألوفة، فيرتدي الأزياء بطريقة غريبة.
ـ يميل المراهق في هذه المرحلة إلى تقليد الكبار في أفعالهم، وقد يترتب على هذه المحاكاة إكتساب عادات ضارة وأشهرها التدخين، حيث يظن أن ذلك يدل على الرجولة.
[] وهذه بعض الأساليب على كيفية التعامل مع هذه المرحلة:
= لابد أن نبين لهم أضرار التدخين على الصحة وآثاره السلبية على المدى البعيد.
= نحاول أن نملأ أوقات فراغهم في شيء خفيف ومحبب لهم.
= علينا أن نحيطهم بالرعاية والإهتمام والحب والاحتواء دون دلال زائد.
= علينا أن نكون القدوة الحسنة لأبنائنا.
= إقتربوا من أبنائكم وإمنحوهم الثقة.
= راقبوا أبناءكم المراهقين بهدوء ولا تشعرونهم بأنهم يسببون لكم القلق.
= تجنب التهديد والحرمان لأنه يولد العنف.
= إشعارهم بأهمية وجودهم في الأسرة وتأثيرهم الإيجابي داخل الأسرة.
دائمًا وسائل الإعلام المختلفة تصور المراهقين على أنهم أشخاص متمردون على المجتمع وغريبو الأطوار، وكأنهم من عالم آخر، وهذا يجعل الفجوة كبيرة بين المراهق وغيره، ويدفع به إلى الشعور بأنه في معركة ضد أهله ومجتمعه، وأن عليه أن يربح تلك المعركة، المراهق جزء من مجتمعه، ولديه الكثير من الخير والبراءة والطيبة، لكنه يمر بمرحلة خاصة تجعل التفاهم بينه وبين الكبار صعبًا.
المصدر: موقع الإسلام.